يخطي من يظن إن اتفاقية السلام، وانتهاء الحرب بين مصر وإسرائيل، وضعت حدأ لأعمال التجسس الإسرائيلية علي مصر.. أو حتى خففت منها، فطبيعة إسرائيل العدوانية والمتسلطة وتركيبتها السياسية والنفسية، وخلفيتها التاريخية لا تعطيها أية فرصة للشعور بالأمان والاستقرار وهذا بالإضافة إلى تأكد إسرائيل ووثوقها.. إن مصر هي القضية الكبرى أمام طموحاتها غير المشروعة بالمنطقة وأطماعها في السيطرة والهيمنة.. لذلك لم تتوقف محاولات إسرائيل في زرع عملاء لها في مصر أو اصطياد بعض الثمار المعطوبة لتجنيدها لخيانة وطنها.
ولكن عملاء الموساد، تساقطوا تباعا في مصيدة المخابرات.
1. عامر سليمان ارميلات
2. سمير عثمان احمد علي
3. عبد الملك عبد المنعم علي حامد
4. عماد عبد الحميد إسماعيل
5. شريف احمد الفيلالي.
تلك هي أسماء الخونة يضيعون خلف الأسوار الآن يقضون السنوات الطويلة، تنفيذ لحكم العدالة في الخونة وأمثالهم.. الذين دفعتهم، أوهام الثروة فهانت عليهم بلدهم وسقطوا في بئر سحيق من الخيانة، وغرقوا في ظلمات بحور الجاسوسية وعندما حاولوا أن يطفوا مرة ثانية كان في انتظارهم رجال المخابرات المصرية.. تلقفوهم إلى حيث القصاص العادل.. وسبق الخونة إلى دهاليز المحاكم يجرون أذيال العار وتلاحقهم لعنات شعبهم وأهلهم أرميلات.
كان العشرات من أبناء قبائل سيناء يتجمعون داخل محكمة العريش وحولها.. الزحام شديد، إجراءات الأمن أشد، همسات تدور بين أبناء سيناء الذين سقط منهم العشرات دفاعا عن الأرض.. إلا عامر سلمان أرميلات.. ذلك الامي الذي لا يجيد القراءة والكتابة.. ولكنه كان احد أخطر جواسيس الموساد.
الأحد 14 أبريل، المستشار حافظ مشهور رئيس محكمة أمن الدولة وزميلاه المستشارين محمود سمير وصبحي الحلاج، في غرفة المداولة، ينظرون وصول الجاسوس من السجن واستعداد الحراسات وأعداد قاعة المحكمة، وبعد دقائق من وصولهم دخل عليهم قائد الجرس وأبلغهم بتمام تنفيذ اجراءات بدء الجلسة.. القضاة الثلاثة أتموا مداولاتهم في الحكم.. وفجأة دوي صوت الحاجب في القاعة.. محكمة.. ليخرج رئيسها وزملائه.. يتخذون مواقعهم علي كراسي العدالة.. وعم الصمت المكان.. الأنفاس تكاد تعدها، فالآن ستنطق المحكمة بحكمها ضد عامر سلمان أرميلات.. وجاء صوت القاضي قويا جمهوريا يشق الصمت وقال: حكمت المحكمة حضوريا علي المتهم عامر سلمان ارميلات بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة قدرها عشرة آلاف جنيه..
رفعت الجلسة.
ذلك كان المشهد الأخير في حكاية عشرين عاما من الخيانة.. كان بطلها الجاسوس الأمي، الغريب أنه بدأ خيانته مع النسمات الأولي لرياح السلام ففي عام 1977، ألقت القوات الإسرائيلية التي تحتل العريش القبض علي عامر سلمان ارميلات، بتهمة السرقة، وبعد عدة أشهر في السجن غادره.. ويبدو أنه احترف السرقة حتى سقط مرة أخري في أيدي القوات الإسرائيلية أثناء قيامه بسرقة 'ثلاجة' من 'مستوطنة ياميت'، وهذه المرة تم احتجازه في بئر سبع.. وهناك وأثناء قيام ضابط المخابرات بعمله، وصله أن هناك شخص يناسب أسلوبه في العمل، ويبيع نفسه مقابل حفنة نقود.. فهو لص، وتاجر مخدرات، ولا يتردد في أن يكون خائن.. سمع 'أبو شريف' رئيس مكتب الموساد في بئر سبع محدثه.. ثم أرسل من يحضرون ذلك الشيطان.. وبعد دقائق وقف عامر يلهث أمامه، ينتظر ما يلقيه له من كسرة خبز' وبعد فترة صمت تحدث ضابط الموساد بشكل مباشر، فشخص كهذا لا يستحق عناء تحسس وطنيته، فهي بالتأكيد مفقودة.. وطنه هو المال ودينه هو الخيانة.. قال أبو شريف.. لدي عرض يا عامر.. أنت مدان بالسرقة وتم ضبطك وأنت تحمل الثلاجة المسروقة.. لكن أستطيع أن أجعلك تخرج من هنا إلي منزلك دون أن يعترضك أحد