الدكتورة : حنان اخميس :-
المخابرات فى مصر القديمة :-
كانت مصادر المعلومات في قديم الزمان فيما كان الانسان يؤمن بتدخل القوى الخارقة للطبيعة في شؤون الناس تتشكل من الكهنة والعرافين والسحرة و كانوا يوهمون الناس بأنهم على صلة بالآلهة حتى يحصلوا منهم على معلومات و كان الإنسان يلجأ اليها لمعرفة قصدها عن طريق السحر، والمعرفة وكذلك عن طريق النجوم والأحلام ومن ثم انتشرت الكهانة في الديانات القديمة وصار رجال الدين مصدر للتنبؤات التي تستهدف حل مشاكل الإنسان.
*الكتابة المصرية القديمة (الهيورغليفية) كانت أصعب كود، احتار العلماء في حله، وهي مكتوبة على جدران المعابد المصرية التي تنطق بآلاف الرسائل حول الاستخبارات و المعلومات.
المخابرات عند الاغريق
يذكر المؤرخ الاغريقي( هيرودوتس) قال ان احد الامراء في العصر الاغريقي قام بإرسال رسالة سرية بطريقة غاية في الغرابة حيث قام بقص شعر أحد العبيد لديه ثم طبع الرسالة المراد توصيلها على جلدة الرأس بطريقة الوشم، و كان العبد ينتظر حى ينمو شعر رأسه من جديد لتختفي الرسالة ثم ينقلها للطرف الآخر، الذي يقوم بقص شعر العبد مرة أخرى ليقرأ الرسالة.
المخابرات عند الآشوريين
كان لجهاز المخابرات والتجسس اهمية كبيرة و كانت منتشرة في جميع أنحاء الامبراطورية الآشورية و في مدن الاعداء في زمن ( شرجون الثاني سنة 705 – 722 ق.م ) وكان يطلق عليهم باسم المستطلعين او الجنود المستكشفين او قناصة الاستطلاع، وهؤلاء موزعين في مناطق الأعداء و كان يرأس الاستخبارات الآشورية حاكم إحدى المقاطعات او ممثلو عن الملك و كانوا دائماً على اتصال مع قادة الجيش لتلقي الاوامر والتعليمات وقد استخدموا في حالة الحرب، والسلم و كانوا حريصين أشد الحرص والكتمان على توفير الامن لقطاعاتهم العسكرية، و تجميع اكبر عدد من المعلومات الممكنة عن الأعداء لكي تساعدهم على تجنب المخاطر و يرسم الخطط العسكرية، و كان المخبرين الآشوريين يحملون رسائل حساسة بين الملوك وحكامهم، و كانوا من الأشخاص الموثوق بهم الى درجة عالية الا انه يجب ان يكون اميناً و شجاعاً و مخلصاً و كانوا مدربين على نقل الرسائل العسكرية بين قادة الشعوب وعدم تزوير الرسالة أثناء نقلها ، عمد الملوك الآشوريين الى ختم رسائلهم بالخاتم الملكي الخاص، و بعض الاحيان يغلفون رسائلهم بأغلفة وطنية لكي لا يتمكن شخص من قراءتها وأحياناً كان المخبرون يحملون نص الرسالة ، حيث يحفظونها و ينقلوها شفوياً و ذلك للحفاظ على سرية المعلومات في حالة وقوعهم في أيدي الأعداء.
المخابرات عند المغول ( امبراطورية جنكيز خان )
قامت مستحدثات عسكرية مليئة بالجرأة لقد استخدم المغول الجاسوسية للحصول على المعلومات اللازمة لشن حملاتهم كما لجأوا الى الشائعات وغيرها من وسائل المبالغة لتجسيم عدد قواتهم و قوة جنودهم، ولم يكن يهمهم ماذا يمكن ان يظن أعدائهم ما داموا ينتفضون من الخوف والرعب، و قوة خيالة المغول الضاربة هي عبارة عن جحافل لا حصر لها، لأن عملاء المغول كانوا يهمسون بمثل هذه القصة في الطرقات وقد استخدم جنكيز خان جواسيس العدو كوسيلة لإرهاب جنود العدو انفسهم عندما كان يستميل جواسيس العدو لى جانبه، كان يلقنهم الشائعات التي ينشرونها بين قواتهم، إن جنكيز خان أطلق ( خلية نحل على ملك خوارزم) أي جعله يعيش دوامة من الاضطرابات ولقد جعل الجواسيس الذي بعث بهم الى ملك الخوارزم لرؤية قوات وتعداد جيش جنكيز خان مما يصفون له، انهم كاملو الرجولة، شجعان لهم مظهر المصارعين لا يستنشقون شيئاً إلا رائحة الحرب والدماء، ويبدون تشوقاً الى القتال، لا يستطيع أي قائد السيطرة عليهم، و تهدئتهم، ومع هذه الوحشية التي يبدون فيها فإنهم يجيدون الضبط والنظام و يطيعون قائدهم طاعة عمياء ويدينون له بالولاء لأميرهم ويقنعون بما يصل اليهم من طعام و كانوا يختارون الوحوش ليأكلوها ومع أنهم مسلمون فلم يكن من الصعب ان يستعيظوا لوناً من الغذاء عن لون آخر فهم لا يأكلون لحم الخنزير بل انهم يأكلون الذئاب والدببة و- الكلاب-، عندما لا يكون هناك أي نوع من اللحوم فإن قوات جنكيز خان تبدو كالجراد من المستحيل حصرها او احصاؤها.
المخابرات عند اليهود
كما ورد في التوراة عن ( عمليات المخابرات) و فيه يطلب الرب من الانسان ان يسأل المعلومات في التو و اللحظة، فعندما كان موسى في البرية مع بني اسرائيل، الهه الرب ان ينبه رئيس كل قبيلة من قبائل اسرائيل ليتجسس على ارض كنعان (فلسطين) التي كان الرب قد عينها لتكون وطناً له، وقام موسى بتزويدهم بالمعلومات وطلب منهم أن يروا البلاد، و يتعرفوا عليها وعلى سكانها وما إذا كانوا أقوياء او ضعفاء أو قلة او كثرة، وسافروا الرؤساء وامضوا في مهمتهم أربعين يوماً وعندما عادوا قال موس وهارون ان البلاد تفيض باللبن والعسل وعرضوا عليها بعض فاكهتها من عنب ورمان و تين، وقال آخر ان سكان هذه البلاد أقوى من بني اسرائيل وقال ان رجالاتها ذوو قامات طويلة، وان مدنهم تحيط بها الأسوار المنيعة و تململ بني اسرائيل محتجين على موسى و هارون فقرر الرب ان يضربوا في البرية زهاء أربعين عاماً نظراً لقلة ايمانهم أي سنة في مقابل كل يوم امضاء الجواسيس في تلك البلاد.
المخابرات عند المسلمين
في أعمال المخابرات نلاحظ ان غزوة بدر الكبرى فاتحة النضال المرير بين المسلمين وأعدائهم وقد برهن ( محمد صلى لله عليه و سلم) على عبقريته العسكرية الفذة، فقد سلك ما يجب ان يسلكه كل قائد محنك في الميدان، إذ لم يسمح لقواته بالتقدم قبل ان يستطلع موقف العدو، ويحصل على المعلومات اللازمة من قواته، وواقعه ليقرر خطته بعد ذلك، وفيما كانت قوات المسلمين تكمن في وادي دفران أرسل النبي ( دوريات استطلاع ) مكونة من علي بن أبي طالب والزبير بن العوام و سعد بن أبي وقاص و نفر من المسلمين الى ماء بدر بغرض استطلاع أخبار المشركين وعادت الدورية و معها غلامان عرف منهما الرسول انهما من جيش قريش و أجرى الرسول استجواب الغلامين فسألهما كم القوم فقال، كثير عددهم، شديد بأسهم، فسألهما الرسول كم عدتهم قالا لا ندري فقال لهما الرسول كم تنحرون كل يوم، قالا يوماً تسعة و يوماً عشرة فاستنبط الرسول بذكائه المتوقد، انهم ما بين التسعمائة و الألف و لما عرف من الغلامين ان أشراف قريش خرجوا في هذا الجيش، والتفت الى المسلمين قائلاً، (هذه مكة قد ألقت اليكم أفلاذ أكبادها
المخابرات في القرون الوسطى والى عصر النهضة
كانت الدبلوماسية والمخابرات مرتبطتين معاً ارتباطاً الى حد أن السفراء الاجانب كانوا يعتبرن احياناً من الجواسيس و لقد أقامت جمهورية البندقية بخاصة سفاراتها وهيئات دبلوماسية خارج بلادها، وكانت تتسلم بتقارير المخابرات من السفراء والعملاء.
أعظم جهاز للمخابرات في القرن التاسع عشر
كانت تديره شركة خاصة ألا و هو ( مصرف روتشيلد) وكان لهذا المصرف سابقه في (أسرة فاجرز) وهي أسرة مصرفية في القرن السادس عشر وقد استطاعت هذه الأسرة ان تقيم امبراطورية مالية ضخمة تقرض الأموال للملوك و الدول التي كنت تعاني من الفقر كما كانت تفعل أسرة روتشيلد بعد ذلك و بعد ان تبوأت مؤسسة روتشيلد مكانتها كانت تفيد نفسها، وتفيد عملائها عن طريق مقدراتها الفائقة في جمع المعلومات ورغبة من عملاء روتشيلد في النهوض بالمصالح المالية للمؤسسة في فرانكفورت وباريس ولندن وفينا وقد حاول عملاء روتشيلد الحصول على المعلومات قبل حصول الحكومات عليها ( ففي عام 1815بينما كانت اوروبا تنتظر أبناء عن معركة (واترلوا) كان ناتان روتشيلد قد علم بانتصار البريطانيين حتى يحصل على صفة مالية عرض كل سندات الحكومة البريطانية للبيع بأن الذي دفعه هو خسارة البريطانيين في معركة واترلوا، وفي اللحظة المناسبة قام مرة أخرى بشرائها بالثمن المنخفض، وقد اعلن بعد ذلك نبأ انتصار البريطانيين فارتفعت و حدث بعد ذلك بستين عاماً، دعا روتشيلد سليل ناتان ( دزرائيلي اليهودي رئيس وزراء بريطانيا على مأدبة عشاء تسلم روتشيلد رسالة سرية تفيد بان صفقة من أسهم شركة قناة السويس يملكها خديوي مصر معروضة للبيع وسحرت الفكر رئيس الوزراء ولكن كان مطلوباً منه حتى يعقد الصفقة من قيمته 44.000.000 جنيه عند ذلك تقديم ليونيل لشراء الاسهم باسم الحكومة البريطانية وهكذا تمكن دزرائيلي من أن يضرب ضربة من اكبر ضرباته السياسية في حياته، و كان روتشيلد يستخدم (الحمام الزاجل) في نقل المعلومات الاستخبارية